تعد أحد أشكال اضطهاد الأطفال، وهي تنجم عن هز الطفل الرضيع أو الصغير هزاً عنيفاً من يديه أو رجليه أو صدره وكتفيه، إذ قد يتسبب هذا الهز العنيف بارتداد دماغ الطفل بمواجهة عظام الجمجمة حيث يؤدي هذا الارتداد أو الاصطدام إلى حدوث أذيات واعتلالات دماغية ناجمة عن تورم وتكدم الدماغ وقد تحدث نزوف تحت الجافية وفي الدماغ وفي الشبكية العينية مسببة العمى. وقد تسبب تخلفا عقليا وعسرات في النطق أو التعلم وشلول مختلفة وفقدان سمع، وقد ينجم عنها الموت أحيانا.
يسهل تعرض رأس وعنق الطفل لمثل هذه الأذيات كون رأس الطفل كبير نسبيا وعضلات الرقبة عنده لا تزال ضعيفة، علاوة على كون الأوعية الدموية الدماغية عنده لا تزال هشة جداً ويسهل تعرضها للتمزق إذا ما تعرض الرأس لحركات شبيهة بحركات ضربة الجلاذ (Whiplash motions ) (وهي الحركات التي يقوم بها الحوذي لحث الخيل على الإسراع والانطلاق). ومثل هذه الحركات تحدث للطفل عند هزه أو أرجحته.
كيف تشخص المتلازمة :
من الصعب تشخيص متلازمة الطفل المهزوز ما لم يصف لنا أحدهم ما حدث، إذ غالبا ما يراجع هؤلاء الأطفال المراكز الطبية لإصابتهم بشحوب أو ازرقاق جلد الوجه والأطراف أو بتبدلات في السلوك أو باضطراب في الوعي أو فقدان وعي أو اختلاجات، وقد يراجع المريض لإصابته بصعوبة في التنفس أو إقياءات، وقد يراجع بحالة اختناق، وقد يذكر الشخص الذي يعتني بالطفل ( الأم أو المربية ) أن الطفل قد تعرض لهزات عديدة في محاولة لإيقاظه من غيبوبته!. .وأما الأطفال المصابون بالحالات الشديدة والقاتلة فإنهم غالبا ما يراجعون المشافي لإصابتهم بحالة من غياب الوعي المترافق مع رضوض دماغية ناجمة عن الهز العنيف.
وفي مثل هذه الحالات يتحرى الأطباء وجود نزف في شبكية العين، إذ تعد نزوف شبكية العين علامة نوعية ومميزة لتعرض الطفل للعنف والهز الشديد، كما يتم تحري وجود نزوف في المنطقة تحت الأم الجافية في الدماغ . علاوة على حدوث ازدياد في حجم الرأس مما يشير إلى تراكم شديد للسوائل في الأنسجة الدماغية.
وقد أشار موقع الأكاديمية الأمريكية لطب العيون على أن النزوف الحاصلة في شبكية العين إذا كانت بمواصفات معينة فإنها تعد مشخصة لتعرض الطفل لهز عنيف.
وقد تترافق الإصابة أيضا بأذيات على مستوى الرقبة والحبل الشوكي مع كسور في الأضلاع ناجمة عن القبض العنيف على الطفل ، وقد يساعد في التشخيص إجراء تصوير طبقي محوري محوسب والرنين المغناطيسي اللذين يظهران وجود أذيات دماغية.
آلية حدوث الأذيات :
إن عملية الهز التي يتعرض لها الطفل تتسبب في إحداث قوة ذات تسارع وتباطؤ تدويري مما يؤدي إلى دوران دماغ الطفل داخل الجمجمة وما يسببه من ارتطام لدماغه بعظام الجمجمة، كما ويؤدي الفعل التدويري للهز إلى شد وتمزق في الأوعية الدموية الدماغية مؤديا لحدوث نزوف في المنطقة تحت الأم الجافية بشكل خاص، وإلى نزوف في شبكية العين، كما أن قوى التسارع والتباطؤ المتولدة تؤذي محاور الأعصاب مما قد يتسبب في توقف التنفس ونقص في التروية الدماغية.
ماهي الأذيات التي قد تنجم عن هز الطفل؟
تم وصف حالة الطفل المهزوز لأول مرة عام 1972م من قبل Dr. John Caffey حيث دعا إلى توعية وتثقيف عموم الجماهير لإيضاح المخاطر الناجمة عن هز الأطفال.
يمكن لهز الطفل أن يؤدي إلى أذيات متفاوتة وذلك بحسب درجة ومدة الهز الذي تعرض له الطفل، فقد يؤدي الهز إلى أذيات دائمة كاضطرابات النطق وخلل السمع الذي قد يصل إلى درجة الصمم وإلى عمى جزئي أو تام، وقد تحدث إعاقات على مستوى قدرة الطفل على التعلم والادراك والفهم، كما قد يتعرض الطفل المهزوز إلى اضطرابات صرعية وشلول دماغية واضطرابات في عمليتي المص والبلع، علاوة على إعاقات تطورية أخرى، وقد تصل الأمور إلى درجة الإصابة بالتخلف العقلي، ومرض التوحد Autism واضطرابات في الإدراك والسلوك، وقد تصل الأمور إلى درجة الإصابة بالحالة النباتية، علاوة على احتمال حدوث أذيات رضية مختلفة وشلول متنوعة قد تصيب الأطراف العلوية والسفلية أو كلتيهما وذلك بحسب موقع الأذيات من الجملة العصبية المركزية. وقد يصل الأمر إلى موت الطفل إذا ما تأذت مراكز القلب والتنفس الموجودة في منطقة البصلة السيسائية.
من المسئول عن تأذي الأطفال بالهز ؟
غالبا ما يتأذى الأطفال بالهز الذي يتعرضون له من قبل أشخاص مقربين لهم ( كالآباء أو الأقرباء أو أصدقاء العائلة ) وغالبا ما يكون المتسبب في الأذية ذكراً شابا في مطلع العشرينيات من العمر، أمّا الإناث المتسببات بالأذيات الناجمة عن الهز فهن غالبا مربيات الأطفال – وليس الأمهات - . ويعزى السبب في مثل هذه الأحوال إلى الإحباط الذي يتعرض له الشخص البالغ من استمرارية الطفل بالصراخ وعدم مقدرته على تهدئته بالطرق المعتادة اللطيفة، ذلك أن كل بكاء يطول لمدة لا مبرر لها يثير أعصاب الآباء أو المقربين من الطفل وعندما يعجز هؤلاء عن التعامل مع مثل هذا الصراخ يفقدون صوابهم ويتعكر مزاجهم فيلجأوون إلى هز الطفل هزاً عنيفاً وقد يكون العامل المسبب لمتلازمة الطفل المهزوز.
كيف نقي أطفالنا من الإصابة :
إن نسبة كبيرة من حوادث ( متلازمة الطفل المهزوز ) تنجم إلى حد بعيد عن الشعور بالإحباط الشديد الناجم عن عدم مقدرة مربية الطفل، أو القائم على رعايته والعناية به، على تهدئته وإيقاف بكائه، فتصل بها أو به الأمور إلى درجة لا يعود بعدها أي منهما قادرا على ضبط النفس .
وهنا ننصح المربية بوضع الطفل الذي يصرخ باستمرار في سريره وهزه بهدوء، أو وضعه في مكان آمن مع الابتعاد عنه لتجنب سماع صراخه وبكائه، وهنا ننصح المربية بالاستحمام أو غسل الوجه والرأس بالماء لما للماء من اثر في تثبيط حالة الغضب والإحباط، أو القيام بأعمال تبعدها عما هي عليه من حال، ريثما تعود السكينة والهدوء إلى نفسها وتصبح بالتالي قادرة على التعامل مع الطفل.
إن من واجب أطباء الأطفال والممرضات التكلم مع آباء الأطفال وشرح الكيفية التي يمكن بواسطتها امتصاص الشدة، وكيفية الاستجابة لصراخ الطفل الذي لا يمكن أن يهدأ بسهولة وأن على الأسرة أن تتكيف مع انضمام فرد جديد لها مع توعية الآباء والمربين حول كيفية التعامل مع صراخ الأطفال دون اللجوء إلى الهز. ولا بد من تحذير مربيات الأطفال صغيرات السن والشبان من مخاطر هز الأطفال الرضع وصغار السن كون أغلب حوادث الطفل المهزوز سببها شبان أو يفع !!.
هل من علاج ؟
إن المعالجة الإسعافية السريعة ضرورية وهي تتضمن عادة دعم مظاهر الحياة كإيقاف النزيف الداخلي وخفض فرط التوتر داخل القحف، ..ولكل حالة علاجها الخاص بها، بحسب الأذية الناجمة وبحسب الأعراض الظاهرة. وعادة ما يكون الإنذار سيئا فأذيات الشبكية قد تسبب العمى، وقد يحتاج الطفل إلى عناية صحية مدى الحياة في الحالات المؤدية إلى أذيات دماغية كالشلل الدماغي مثلاً.
نصائح لا بد منها لكل من يتعامل مع طفل بحالة صراخ أو بكاء :
1-إياك أن تهز الطفل :
تذكر أن الهز قد يسبب لديه أذيات دماغية أو سمعية أو بصرية.. الخ
2-إياك أن تتعامل مع الطفل عندما تكون بحالة غضب :
لأنك في مثل هذا المزاج قد تؤذي طفلك، وما عليك في مثل هذا المزاج سوى نقله إلى مكان آمن ( في سريره مثلاً ).
3-لا تتعامل مع الطفل ما لم تكن أعصابك مسترخية ومزاجك هادئ:
ولكي تصل إلى هذه المرحلة من الهدوء والاسترخاء عليك :
1-اجلس أو اخرج من الغرفة.
2-استمع إلى القرآن الكريم أو إلى موسيقا هادئة، كي تريح أعصابك.
3-اتصل بصديق أو قريب ليقدم لك المشورة أو النصح.
4-إذا وجدت جواً هادئاً لا يعكره سوى صراخ الطفل فما عليك سوى الاستماع إلى آيات قرآنية أو موسيقا بصوت مرتفع ، إذ إن خلق مثل هذا الجو قد يهدئ بعض الأطفال ويبعدك عن سماع صراخهم.
5-عندما تهدأ حاول ثانية تهدئة الطفل .
6-إذا لم تستطع تهدئته واستمر بالبكاء لمدة طويلة فعليك بالاتصال بطبيبك لأن البكاء المستمر قد يعني الجوع أو الألم أو المرض أو ألم الأسنان أو الأذن أو البطن، أو مشاكل أخرى قد تحتاج لعلاج طبي ؟..