المقدمة
مستجدات طبية
الحمل و مشاكل الولادة
صحة عامة
أمراض الأطفال
مواضيع بالأمراض الداخلية
الجهاز التناسلي المذكر
أراء طبية حرة
علم السموم
مخطط الموقع
باب مستجدات طبية - الصفحة (9) - صحة - طب عام
قصة لقاح يقي من السرطان
د. عمر فوزي نجاري
قصة لقاح يقي من السرطان بقلم د عمر فوزي نجاري إذا كان حلم (جنرJener) في الوصول إلى لقاح يقي من مرض الجدري قد تحقق في حياته، فلأن المشاريع الإنسانية الكبرى كلها إنّما بدأت أحلاماً ثم وجدت سبيلها إلى أمر الواقع. تُعدّ اللقاحات على اختلاف أنواعها من أهم التطورات التي شهدها الطب الوقائي خلال القرن العشرون، وهي لقاحات تقي الملقحين بها من الإصابة بالأمراض الانتانية الخطيرة كشلل الأطفال والكزاز والدفتريا والحصبة....الخ، وقد تمكن العلماء بواسطة اللقاحات من القضاء على مرض الجدري والتخلص منه نهائياً، وذلك بعد تطبيق تلقيح موسع شمل مختلف أرجاء ومناطق البلاد الموبوءة إضافة لجميع الأشخاص المسافرين إلى تلك المناطق. وكان لتطور تقنية الهندسة الوراثية الدور الرئيس في ذلك إذ أتاحت هذه التقنية توفر اللقاحات الواقية على نطاق تجاري واسع. ولعلّ أهم تلك اللقاحات المستخدمة اللقاح المستعمل للوقاية من الإصابة بالتهاب الكبد البائي، كما وينكب العلماء في مختلف المختبرات وأماكن البحث العلمي باذلين قصارى جهدهم للتوصل إلى لقاح يقي من مرض العصر(الأيدز). السرطان الأكثر انتشاراً: يُعدّ الورم الكبدي وسرطان الخلية الكبدية من أكثر أنماط السرطانات شيوعاً في العالم، ففي تايوان لوحظ أن سرطان الخلية الكبدية يحدث عند2% من سكان تايوان الذين يحملون التهاب الكبد الخمجي(ب)، وقد وجد أنّ الأشخاص المصابين بالتهاب الكبد الخمجي(ب)، أكثر عرضة للإصابة بالورم الكبدي بـ(250)مرة من الأشخاص غير المصابين به، بينما وصلت هذه النسبة في بلد مثل بريطانيا إلى(273)مرة، وهذا مؤشر إلى احتمال إصابة حملة التهاب الكبد (ب)، بسرطان الخلية الكبدية أعلى بكثير من الأشخاص الأصحاء، ومن هنا كانت فكرة الوقاية من سرطان الخلية الكبدية’ باستعمال اللقاح الواقي من الإصابة بالتهاب الكبد الخمجي من النوع(ب)، المسؤول عن تطور حالات سرطان الكبد. آلية حدوث السرطان: تحتوي الخلية الكبدية المخموجة بالتهاب الكبد من النوع(ب) على (د.ن.أ) الحمة في نواتها، وفي بعض الناس تبقى الـ( D.N.A) في نواة الخلية اثناء ترقي المرض مما يتيح لـ( D.N.A ) الحمة أن تتداخل مع صبغي الخلية الكبدية المضيفة مما يؤدي إلى تطور حدوث سرطان الخلية الكبدية. ونظراً لما يمكن أن يسببه الخمج من مشاكل طبية مختلفة بدءاً من الوفاة المبكرة مروراً بالتهاب الكبد المزمن الفعّال وتشمع الكبد، وانتهاء بسرطان الخلية الكبدية، إضافة لما يتطلبه المرض من تكاليف علاجية باهظة تشكل عبئاً مالياً واضحاً على الجهاز الطبي، ونظراً لغياب الطرق الفعالة في التحكم بالنتائج البعيدة المدى للإصابة بالمرض فإنّ الوقاية من الإصابة به تبقى البديل الوحيد القابل للتطبيق. فكرة اللقاح: قبل عام 1980م كان استعمال الغاما غلوبولين الفائق التمنيع الإجراء الوحيد المتوافر لدى الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة، مثل أطفال الأمهات الحاملات للحمة والجراحين الذين يعانون من أذيات وخز الأبر وغيرهم، ورغم أن مثل تلك الطرق المنفعلة في التمنيع فعالة إلاّ أنها غالية الثمن وقصيرة أمد المفعول ومتوافرة بشكل محدود ومن هنا كانت فكرة إيجاد لقاح فعّال ويقي من الإصابة ضرورية. اكتشاف اللقاح: عمل العلماء والباحثون في أماكن مختلفة من العالم على اكتشاف طرق مناسبة يتم بواسطتها تصنيع اللقاح الفعّال، وقد واجهتهم عدة عقبات، كان أهمها أنّ حمة التهاب الكبد الخمجي(ب) لا تتكاثر في المزارع النسجية، وبالتالي لا يمكن إنتاج لقاح من حمات مقتولة أو حيّة موهنة، وأنّه لابد من سلوك طرائق أخرى في سبيل ذلك. واستمرت الجهود تُبذل على قدم وساق إلى أن جاء عام1982م، حين أمكن استعمال اللقاح لأول مرة للوقاية من الإصابة بالتهاب الكبد الخمجي (ب)، وقد عُدّ اللقاح وقتها بأنّه تقدم كبير وهائل في مجال السيطرة على المرض نظراً لعدم وجود معالجة فعّالة للمرض بشكليه الحاد والمزمن أو حتى لعقابيله كالتشمع الكبدي وسرطان الخلية الكبدية، ومن هنا عُدّ اللقاح بأنّه من أكثر اللقاحات قيمة في التاريخ. وقد تمّ الحصول على اللقاح باستعمال مصورة (بلاسما) المرضى الذين يحملون في دمائهم (العامل الاسترالي) حيث أُخضِعَت مصورة دمائهم إلى مراحل ثلاث من التنقية العالية الفعالية ومن ثم تم تصنيع اللقاح. وقد كان واضحاً منذ البداية أنّ مثل هذا الإجراء لن يكون أكثر من تصرف مؤقت تجاه تلك المشكلة العالمية المزمنة، رغم فاعليته العالية، وذلك بسبب شدة غلاء اللقاحات المشتقة من المصورة فضلاً عن أنّ انتاجها والتحكم بنوعيتها يستغرق شهوراً عدة، وحيث أن مصادر المصورة محدودة فسيكون الإمداد باللقاح مقنناً دوماً. كما ويصعب التحكم بنوعية اللقاحات أيضاً، مما يسبب بدوره درجات مختلفة من التمنيع. ومن هنا برزت فكرة تطوير تقنية تصنيع اللقاح فكان أن ظهرت الهندسة الوراثية، وقد استخدمت هذه التقنية في تصنيع اللقاح، وقد أمكن باتباع هذه التقنية إنتاج اللقاح بكميات كبيرة تسمح باستعماله على نطاق واسع وبكلفة اقل، وسواء أكانت اللقاحات مشتقة من المصورة أم كانت نتاج تقنيات جديدة فإنّ الحاجة لها ستكون واضحة وبكميات كبيرة كي نتمكن من القضاء على الخمج واستئصاله نهائياً، مع وجوب تنسيق برامج التلقيح وتوجيهها من قبل هيئات دولية وحكومية وذلك من أجل تأمين الوقاية بأكثر الطرق سرعة وأقلها تكلفة. ويمكن في آخر الأمر إدخال اللقاح الواقي من الإصابة بالتهاب الكبد الخمجي(ب) في برنامج التلقيح الموسع وخاصة في الأقطار التي يتوطن فيها الداء بدرجة عالية أو متوسطة كي يُصار في النهاية إلى وقاية السكان بأكملهم. _________________________ فهرس مواضيع الدكتور عمر فوزي نجاري
الحقوق محفوظة طبيب الوب 2014 ©
http://tabib-web.eu - http://www.tabib-web.eu