المقدمة
أراء طبية حرة
شعر
قصة قصيرة، حكايات طبية
أقلام حرة
أسئلة متنوعة و متكررة
في رثاء الراحلين
حقوق الانسان بالاسلام
فن و موسيقا
منوعات
روائع نزار قباني
رياضة الغولف Golf
من التراث العربي
قصص من تراث اللاذقية
مخطط الموقع
باب قصة قصيرة، حكايات طبية - الصفحة (8) - كل ما لا علاقة له بالطب - منوعات
(4) حكايات الحاج مصطفى سراج (الرزق على الله)
د. عمر فوزي نجاري
(4) حكايات الحاج مصطفى سراج (الرزق على الله) لا أحد في اللاذقية وما جاورها لا يعرف (مرطبات جعارة) ، فهي أشهر من أن تُعّرف، إذ كانت بوظته منذ أواسط القرن العشرين ولاتزال الأطيب والألذ على الإطلاق، ولا يستطيع أحدٌ من أهل اللاذقية الاستغناء عنها صيفاً، إذ لطالما كانوا اسارى لها. و للبوظة عند (مرطبات جعارة) مذاقات وأنواع قادرة على إرضاء البشر مهما اختلفت ذوائقهم ومشاربهم، فعنده التوت الشامي مع الفانيل، وبوظة بطعم الفستق الحلبي والشوكولا والحليب، وبوظة بنكهة الفواكه بأنواعها، إضافة للرز بحليب وكشك الفقراء وغيرها. اشتُهرَ محله الكائن في شارع هنانو والملاصق لمتجر الحاج مصطفى سراج ونجح نجاحاً باهراً وحاز إقبالاً منقطع النظير، إذ كان الناس يصطفون طوابير طويلة انتظاراً لدورهم للحصول على طلباتهم، وكانت أصوات طلباتهم تقرع آذان المارة واصحاب المتاجر المجاورة سعياً لحصولهم على (قبوع) بوظة لذيذ و منعش. كان من حق السيد (جعارة) أن يفتخر بصناعته، لأنّها بحق كانت مميزة، مما جعله يعلّق لوحة كبيرة عند مدخل محله كُتِبَ عليها العبارة الشهيرة التي ميزت بوظته و محله عن بقية محلات بيع البوظة، ليس في اللاذقية وحسب وإنّما في سورية كلها، لوحة كُتبَ عليها: إن رُمت أن تطفيء لقبلك ناره...............أو كان عندك من اللهيب حرارة. فإنعش فؤادك من غليل شفة ................ وتناول من مرطبات جعارة. شهرة (جعارة) التي جاوزت الآفاق، جعلته محل حسد وغيرة من قبل بعض جيرانه الذين أضحى (جعارة) بالنسبة لهم همٌّ في الليل و حسدٌ في النهار، وقد تناسوا قول الشاعر: من راقب الناس مات هماً.....................وفاز باللذة الجسور. وأنّ المثل القائل (لله درّ الحسد ما أعدله، بدأ بصاحبه فقتله) لم يقله أصحاب الأمثال عن عبث، وأنّ من اعتمد الحسد والغيرة طال به الأمد وفقد البصيرة. أحد التجار والذي كان يملك متجراً مقابلاً لمحل (بوظة جعارة) ....خان الجيرة ولم يعطها حقها، فخاب عمله وانقلب عليه أمله، هذا الجار أراد أن يكسر النجاح الذي حازته (بوظة جعارة)، فحوّل متجره إلى محل لبيع المرطبات و (البوظة الشامية) وهي بوظة مشهورة ومعروفة بمذاقها الطيب، حيث أحضر هذا التاجر اشهر معلم بوظة شامية من دمشق وافتتح محله وقام بعرض بوظته أمام محله وكأنها (سيخ شاورما) بغرض الدعاية واستقطاب الزبائن... شكل جميل ورائع....ولكن!. وبدأ العمل!.... ولكن، يا للأسف !.. بقي الانتظار والدور لـ (بوظة جعارة) بلا منازع ولامنافس. ومرَّ اليوم الأول ثم الثاني والثالث..... و توالت الأيام، ومرَّ الأسبوع الأول وتلاه الثاني... ولازالت حركة البيع شبه جامدة لا تتحرك... و...فرغ صبر صاحبنا ولم يعد يطيق الانتظار لأكثر من ذلك... خرج من محله متوسطاً شارع هنانو الفاصل بين محله (البوظة الشامية) ومحل جعارة (بوظة جعارة). ولم يعبأ بحركة المارة والسيارات الموجودة بكثافة في الشارع، بل وقف وأوقف معه حركة المرور، وليرفع يديه إلى ربِّ السماء، وليبدأ بعدها بالدعاء بصوت عالٍ جهوري قائلاً: يا الله....يا الله... يا الله....ارزقنا يا الله!. ابعث لي فقط من البشر من يريد شراء قبوع البوظة أبو فرنك و فرنكين وابعث إلى جاري (بوظة جعارة) من يرغب الشراء بربع ليرة أو نصف ليرة ....يا الله....يا الله... واستمر بالدعاء والناس حوله يتلفتون باستغراب!.. إلاّ أن دعوته لم تستجب، وكربته لم تُكشف، ذلك أن نيته – بالأساس- لم تكن طيبة، بل شابها الطمع، ولذلك لم ييسر الله له أحواله. المسكين- إن صحت تسميته بذلك- لم يستطع المقاومة أكثر من أسبوع آخر، إذ كان عليه أن يغلق محله ويتخلى عن بيع البوظة نهائياً.. هذا التاجر لم يوفقه الله في عمله، ذلك أن نيته لم تكن سليمة ولم يكن من المروءة في شيء، نظرته نظرة حسد، متناسياً أنّ الرزاق هو الله وحده!. ورحم الله الإمام الشافعي القائل: عليك بتقوى الله إن كنت غافلاً .......يأتيك بالأرزاق من حيث لا تدري. ومن ظنّ أن الرزق يأتي بقوة....... ما أكل العصفور شيئاً مع النسر. _________________________ فهرس مواضيع الدكتور عمر فوزي نجاري
الحقوق محفوظة طبيب الوب 2014 ©
http://tabib-web.eu - http://www.tabib-web.eu