السيطرة عليها ممكنة بفضل الأنا المثالي، إذ يمكن أن نؤجل ما نريد الاستمتاع به لمرة أخرى، يندر بحياتنا اليومية أن نستطيع تحقيق كل الرغبات و تندر المرات التي يمكن بها للإحساس أن يرتضي، و للضغط الداخلي أن يدفعنا إلى النهاية.
الشبق أو الشهوانية Libido
بدأنا التطرق للشهوانية و الشبق عندما شرحنا الـ "هذا" التطور الجنسي عند الأطفال الذي يشرح خصائص الشخصية . و هي بالحقيقة كلمة علمية أصبحت بمتناول الأفواه بعد أن كثر الحديث مؤخرا عن الأمور الجنسية و أصبحت هذه الوظيفة محط اهتمام العديدين. و الغريب بالأمر أنه كلما تهاوت علينا المعلومات كلما أصبحنا بحاجة لشرح أكثر. و أستيقظ القلق بأنفسنا. محاولة البحث عن المطابقة للشيء الطبيعي يعطي آثارا سلبية. و بدل أن نتكلم بدون قواعد الحظر (تابو) أصبحنا نخاف من الحديث عن الوظيفة الجنسية بكل مكان.
الشبق بالحقيقة طاقة حيوية تتمثل في جوهرها غريزة الحياة. و هو الطاقة المتحولة و التي تأتي من النزوات الجنسية.
بما يخص الطفل: يتحدث فرويد عن التطور الشبقي، و هو يختلف عن الوظيفة الجنسية التناسلية للبالغين. Développement Libidinal :
يتحدث فرويد بهذا التصور عن المعنى الواسع للمتعة، أي كل ما هو:
ـ شهواني،Le sensuel
ـ حواسي، أي المتعلق بالحواسLe sensoriel
ـــــــ| اللمس
ـــــــ| الصوت
ـــــــ|النظر،
و كل المخزون الحسي الذي نمتلكه جميعا. و الذي يتطور خلال الطفولة. و هو يرافقنا بمختلف مراحل حياتنا و يتغذى بكل مرحلة. و حتى لو لم يكن هذا التطور كاملا بمراحل الطفولة الأولى، فهذا لا يشكل نقطة عجز عند الكبار. و علينا دوما أن تجديد و تغذية كل ما هو شهواني و كل ما هو حسي.
الطفل عندما يرضع، يراضي متعة فموية، هذه المتعة الفموية تؤدي إلى رضاء شهواني. الرضاء الشبقي عند الطفل هو حسي ناشئ من الاحساسات. فالمقدرة الحسية قوية جدا عند الطفل و تهدأ عند البالغين، لأن البالغ تعلم أن يخنقها بفضل الوسط الذي يعيش به.
أما الرضاء الشبقي عند البالغ فهو شهواني. و قمته هي الرعشة و التي بدورها هي إرضاء للوظيفة الحسية.
و من هنا يمكن أن نتفهم كيف للطفل أن يصل إلى رعشة مماثلة لما هو عند البالغ. فالتهيج و النقيق المرتبط بالمقدرة الحسية عند الطفل، الرائحة التي يشعر بها على رقبة أمه مثلا، هي تجربة متعة تقترب بحد كبير مما يشعر به البالغ عند الرعشة.
فالرعشة المعروفة عند البالغ هي مجموعة أحساسات متوفرة للطفل حسب المرحلة التي وصلها من تطوره. و تركيزه على منطقة معينة من الجسم يلمسها و يداعبها.
و مع نضج الطفل تنضج أيضا النزوات. فعندما يتعلم الطفل مثلا المشي، فهو يبحث عن أمور تسره و تساعده بالوصول إلى ما يعطيه المتعة. مثل الارجوحة: فهي تؤمن له الشعور بالاحتكاك. المدرسة و دار الحضانة، تسمح له بتوثيق الروابط مع الغير.
مع التطور الفيزويلوجي للطفل تتسع المساحة الحسية و الشهوانية عنده.
الرغبة أو الشهوة: Le désir
تعرف الرغبة بأنها ميل واعي لشيء نعتقد أنه جيد. أي أنها مصدر للرضاء أو للمتعة.
هي عبارة عن فعّالية تبدأ باكرا جدا خلال تطور الطفل، و بشكل متعارض و متقطع. تتجلى ببعض اللحظات من حياتنا و تغيب بلحظات أخرى.
و هي عبارة عن إعداد سلمي للنزوات بحيث تجعل من الشخص كائن أنساني.
ففي حين تعتبر النزوة الوقود الذي يحركنا.
الرغبة هي عبارة عن انصهار بالغير و اختلاط به. و هذا ما يلاحظ عند الأزواج المندمجين Couples fusionnels راجع الموضوع الخاص بالأزواج المندمجين ببداية الحالة الغرامية توجد رغبة بالاختلاط بالغير. و هي مختلفة عن الحالات العاطفية Etat passionnel
في حالة الأزواج المندمجين تتولد الرغبة بالاندماج (الالتحام) و الاختلاط بالآخر.
الرغبة بأن يبتلع الواحد الآخر. بحيث نأخذ هويته، و الـ "أنا" الخاصة به.
تتواجد الرغبة ببداية مراحل التطور. و قبل أن يظهر الحرمان. هذه الفترة هي فترة التكامل، ذكرنا أنه خلال المرحلة الفموية، بأن الطفل لا يميز بين ما هو وما يملك. أي يوجد اختلاط بينهما. هذا الاختلاط هو الرغبة في المرحلة الفموية. فهي رغبة مختلفة عن الرغبة بمعناها عند البالغ.
فرغبة الطفل هي مجرد اختلاط Confusion,
بينما رغبة البالغ هي اندماج. Fusion
الرغبة بالاندماج عند الطفل موجودة بشكل آخر و الدليل عليه الشره و التعلق الشديد بالثدي. وكأن الطفل يريد أن يفترس الثدي و يبتلعه.
هذا النوع من الرغبة الجانحة موجودة ببداية حياة الأزواج المندمجين و بمراحلها الأولى العاطفية. حيث يشعر الاثنين بالرغبة بعمل كل شيء بنفس الوقت. و يتحول الأمر إلى الحب المفترس الذي يريد أن يبتلع الأخر دون أن يترك له الفرصة بالوجود. mour cannibale.
على العكس، عندما يرفض الطفل الرضاعة، بسبب تبدل حالة الرغبة الجامحة. أو عندما لا تتحقق له هذه الرغبة الاندماجية. فيسبب الخوف من الشره و القلق من افتراس الثدي أو التألم من عدم الرضاء، يسبب كل هذا رفض كامل للثدي.
( أراء و أعمال ميلاني كلاين)
لماذا يبكي الطفل قبل و بعد الرضاعة:
قد تعتقد الأم أنها هي السبب، لكونها أم سيئة لا تعرف إسكات الطفل.
الأمر قد يكون أعقد من ذلك.
توجد عدة تفسيرات.
عندما تلبي الأم طلب وليدها فورا فهي تغمره دون انتظار و كأنها تزقّه الطعام. فلم يعد الطفل يشتاق له.
اقتباس:بالواقع، السجل النفسي للطفل يسير بثلاثة مناحي:
ـ الخيالي Immaginaire
ـ الواقعي réel
ـ و الرمزي symbolique
و يحصل العوز عندما ينقص أحدها.
و مقدرة الطفل على التخيل تبدأ بالتطور هنا بهذه المرحلة، أي المرحلة الفموية. و تتابع تطورها فيما بعد بفضل القراءة و التعلم و مختلف فرص الحياة.
إن كان الخيال ضحلا في المرحلة الفموية، أو لم يغنى، فأن الرغبة ستفتقر مع الزمن. و قد تختفي أن تابعت الأم بتلبية رغبة وليدها دون تلكؤ.
فالرغبة تأتي من الحرمان و من الممنوع.
فعندما يطلب الطفل و لا يحصل على جواب، سيعيش فترة الانفصال الصعبة. عندما يغيب عنه الثدي، سيتخيل و يستوهم (فانتازم، يتخيل بشكل واعي) بأنه سيفقده. و عندما يعود أليه يتمسك به برغبة جامحة، لا ليشرب فقط.
عندما يغيب الثدي، يبني الطفل استيهام (تصور تخيلي خادع) لكي يتحمل غيابه. حتى قد يصل لدرجة الهلوسة فيخترعه لكي يجعله موجودا بكل خواصه من رائحة و صوت و ملمس.
عندما يغيب الثدي، سيتخيله لكي يملأ النقص.
و هكذا فأن الــ "لا" تسمح للرغبة بأن تتنفس.
فغياب الثدي، سيسمح للطفل بفتح سجل الخيال. و هكذا تتمركز الرغبة عنده و تتابع عملها. هذا الخيال سيرضي حاجته، و يسمح له ببناء مدخراته الأساسية منذ هذه اللحظة.
في علم الجنس، نلاحظ أن أول ما يختفي بأول مشكلة هي الرغبة. هذه الرغبة هي غير متواصلة، يجب تغذيتها باستمرار.
الرغبة تلد من النقص و من الحرمان. فأن لم يشعر الشخص بنقص و حرمان، فلن يشعر بالرغبة.
و عندما تغيب الرغبة نحتاج لكمّ كبير من المقدرة حتى نعيدها، فهي ليست مكتسبة و قد تختفي بأي لحظة.
عند البالغين، و من اندماج لآخر، نحتاج لأن ننمي الاستيهام (فانتازم). و عندما لا يتوفر هذا الاستيهام و هذا الخيال يجب أن نخلقه. ونتصرف معه بشكل زائد، لا بشكل ناقص، حتى لا نتدمّر.
نحلم بالآخر و نتخيله، و بما ينقص عنده. و نحلم كيف نحبه أكثر. مما يخلق مسافة تفصلنا عنه. فلو تواجد دوما حولنا لما أحسسنا بخصائصه.