المقدمة
أراء طبية حرة
شعر
قصة قصيرة، حكايات طبية
أقلام حرة
أسئلة متنوعة و متكررة
في رثاء الراحلين
حقوق الانسان بالاسلام
فن و موسيقا
منوعات
روائع نزار قباني
رياضة الغولف Golf
من التراث العربي
قصص من تراث اللاذقية
مخطط الموقع
باب قصة قصيرة، حكايات طبية - الصفحة (8) - كل ما لا علاقة له بالطب - منوعات
حكاية اكتشاف (طير من طيور الجنة)
د. عمر فوزي نجاري
حكاية اكتشاف (طير من طيور الجنة) (فرنسيس ماسون) بستاني بسيط ذو ثقافة محدودة، من أصل اسكتولندي، يعمل في حديقة ملك بريطانيا جورج الثالث، برتبة أدنى من رتبة حارس الحديقة، و رغم بساطته إلاّ أنّه اكتشف في نفسه ذلك الإنسان المحب لعمله، فكان نعم العامل، الذي أخلص لعمله فأجاده وأتقنه، ونال بذلك رضا مليكه ورؤسائه في العمل. كان ذلك في النصف الثاني من القرن الثامن عشر حيث تكثفت رحلات الكشوف البحرية الأوروبية وترسّخت أقدام المستعمرين الأوروبيين على طول الشواطئ الأفريقية والآسيوية. وعندما كلّفَ الملك جورج الثالث الكابتن كوك(Cook) عام 1770م بالقيام برحلة استكشافية بحرية إلى جنوب أفريقية، كانت فرصة( فرنسيس ماسون) الذهبية، حيث أُنيط به كعامل حديقة وبستاني مرافقة بعثة الكابت (كوك) و التي كانت تضم مجموعة من علماء الطبيعة مثل جوزيف بانكس(Joseph Banks) والذي سبق له أن وثّقَ مدى غنى طبيعة مدينة Cape في جنوب أفريقية وكونها ملائمة تماماً لإجراء الدراسات والبحوث، وكان من أهداف البعثة البحث عن مناطق جديدة ونباتات جديدة لا تزال غير معروفة للبريطانيين، وكان علم البستنة في ذلك الوقت قد بدأ يحظى باهتمام ورعاية أبناء الطبقات الراقية في المجتمع حيث أسّسَ العديدُ منهم حدائق منزلية وكلّفوا عمال البستنة برعايتها والاهتمام بها. في مدينة Cape وجد (ماسون) (Francis Masson) نفسه محاطاً بمختلف الأنواع النباتية الجذّابة والمغرية، فسارع إلى شحن مئات النباتات المجهولة و غير المعروفة للبريطانيين من Cape إلى بريطانيا، حيث اصبحت هذه النباتات تحت رعاية وعهدة ملك بريطانيا، ونتيجة لذلك أعجب الملك بنشاط ( ماسون) و اهتمامه فسلّمه الحدائق الملكية البريطانية في Kew كونه أول من اهتم بجمع تلك النباتات ونقلها إلى بريطانيا. هذا الإنسان البسيط (ماسون) التقى اثناء رحلته إلى مدينة Cape والمستعمرات الهولندية الأخرى في أفريقية، التقى مع طالب علم بستنة سويدي الأصل يُدعى (كارل ثنبرغ Carl Thunberg) فتتلمذ على يديه وتعلم منه مصطلحات علم البستنة، ليتحول بذلك (ماسون) من حارس حديقة محدود الثقافة إلى عالم في علم البستنة والنباتات. قام (ماسون) بجمع البذور الملائمة حيثما وجدها، وكذلك بصلات النباتات وجذورها إضافة إلى النباتات الحية، وقد تعلم لاحقاً كيف يؤقلم العديد منها في حديقته في Cape قبل شحنها بالبحر إلى بريطانيا، فكانت شحنات (ماسون) البحرية أول النباتات الحية التي وصلت إلى بريطانيا!. وقبل انتهاء بعثته إلى جنوب أفريقية، قام (ماسون) بشحن موجودات حديقته في Cape إلى لندن حيث استلمها عالما النبات البريطانيان (جوزيف بانكس و وِلْيَم أَيتون Aiton). اللذان سُّرا كثيراً بها، وتعهداها بالرعاية. وكان من أوائل النباتات التي قام (ماسون) بشحنها إلى بريطانيا عام 1773م نوع نادر يمتاز بلونه البرّاق المتألق، وقد أطلق (Aiton) على هذا النبات اسم Strelitzia reginae وذلك على شرف الملكة ( شارلوت صوفيا Charlotte Sophia) زوجة ملك بريطانيا وابنة دوق Mecklenburg-strelitz، وقد عرف هذا النبات بهذا الاسم بعد أن قامت ملكة بريطانيا بتقديمه كهدية وتعبير عن الإعجاب لأسلافها المقيمين شمال ألمانيا. و كانت ملكة بريطانيا (Charlotte Sophia) قد أبدت اهتماماً ملحوظاً بعلم البستنة وقامت برعاية حدائق Kew الملكية وأشرفت عليها بنفسها وصرفت بكرم وسخاء على البعثات العلمية والمطبوعات التي تهتم بعلم النبات والبستنة. وقد وصلت شهرة هذا النبات فيما بعد إلى فرنسا بعد أن نشرت مجلة Curtis،s Botanical رسماً توضيحياً له كونه من النباتات النادرة والرائعة. يُعرف النبات أيضاً باسم (طير الجنة Bird-of-Paradise)، وهو من النباتات الشعبية الوطنية لجنوب أفريقية حيث يُعرف هناك باسم (زهرة الكركي)(Crane Flower). اللوحة للرسام Esther Heins عام 1969م وإذا تأملنا النبات نجده يتكون من صفيحة قاسية أفقية محيطة بالزهرة، وهي بشكلها تستدعي إلى الذاكرة شكل الرافعة، تتكون من ثلاث سبلات متألقة برتقالية اللون وثلاث بتلات زرقاء اللون وهي أصغر من السبلات (حيث تلتحم اثنتان منها) محاكية بشكلها العرف الريشي الموجود في مؤخرة راس طير الكركي Crane، ومن هنا فمن غير المستغرب قدرة النبات على جذب الطيور واستقطابها، وحالما يحط الطير على البتلتين الملتصقتين بحثاً عن الرحيق المختزن تحت البتلة الزرقاء الثالثة الأقصر، فإنّ وزن الطير يتسبب في تباعد خفيف ما بين البتلتين المندمجتين معرضاً أعضاء الزهرة الذكرية Stamens الخمسة إلى أن يلامس ويشكل لطيف الجانب السفلي من الطير لحبات الطلع اللزجة حيث يتم نقلها إلى زهرة أخرى. الجدير ذكره أنّ عرب الأندلس-وقبل البريطانيين بتسعة قرون- قد عرفوا علم البستنة واهتموا به، فكانت لهم حدائقهم الغناء ، وكانت لهم اسواقهم الخاصة بالأزهار عامة وبالأزهار النادرة خاصة، وقد وصل اهتمام العرب بها إلى ذروته في عهد الخليفة الأموي الأندلسي هشام بن عبد الرحمن الثاني أواسط القرن الرابع الهجري الموافق للقرن العاشر الميلادي. وقد تعرّف الغرب على هذه العلوم بعد احتكاكه بالحضارة العربية الإسلامية في الاندلس، وانتقلت إليهم عقب سقوط الاندلس في القرن الخامس عشر. _________________________ فهرس مواضيع الدكتور عمر فوزي نجاري
الحقوق محفوظة طبيب الوب 2014 ©
http://tabib-web.eu - http://www.tabib-web.eu