المقدمة
أراء طبية حرة
شعر
قصة قصيرة
أقلام حرة
أسئلة متنوعة و متكررة
في رثاء الراحلين
حقوق الانسان بالاسلام
فن و موسيقا
منوعات
روائع نزار قباني
رياضة الغولف Golf
من التراث العربي
قصص من تراث اللاذقية
مخطط الموقع
باب قصة قصيرة - الصفحة (8) - كل ما لا علاقة له بالطب - منوعات
(6)حكايات الحاج مصطفى سراج (عمل المعروف في غير أهله)
د. عمر فوزي نجاري
(6)حكايات الحاج مصطفى سراج (عمل المعروف في غير أهله) كان للحاج مصطفى سراج في شبابه ثُلّة من الأصدقاء يجلس معهم مساء كل يوم في أحد المقاهي الشعبية الواقعة وسط البلدة في ساحة الشيخ ضاهر ، فيتحدثون ويتسامرون ويتفاكهون ، وكان من بينهم صديق هو صديق وجار له بآن معاً ، إلاّ أنّ هذا الجار الصديق كان شاباً غريب الأطوار ذا شخصية ضعيفة تخضع خضوعاً تاماً لوطأة زوجته ، وكان مسكنه ملاصقاً للبناء الذي يسكن فيه كلاً من الحاج مصطفى سراج و والده الحاج محمد سراج –رحمهما الله-. كان الحاج مصطفى سراج معجب بصديقه هذا ويعدّه من خُلّص اصدقائه ويتفانى في كسب ودّه وتقديم يد العون له والنصح والمشورة. الحاج محمد-والد الحاج مصطفى- امتاز ببعد نظره وسداد رأيه ودقة فراسته ، إذ كانت له عيون ثاقبة ونظرات لا تخيب ، كان يلقي بنظراته على الإنسان أيّا كان فيسبر أغواره ويكتشفه على حقيقته. كثيراً ما كان الحاج محمد سراج –رحمه الله- ينصح ابنه الحاج مصطفى سراج –رحمه الله- بعدم توطيد علاقته مع هذا الصديق ، فخبرته في الحياة وفراسته علمتاه الكثير الكثير... كان يقول لابنه: هذا الصديق لا يعجبني ... لا يعجبني.. ولا أظنّك يا بني إلاّ ممن يعمل المعروف مع غير أهله. لم يكن الحاج مصطفى سراج –رحمه الله- يكترث كثيراً لكلام والده بشأن صديقه وجاره ، فلم يأخذ بنصيحته ، واستمرت علاقته مع ذلك الجار على أفضل ما يرام ، إلى أن جاء ذلك اليوم الذي تكشفت فيه صحة فراسة والده وعمق نظرته!... في ذلك اليوم عرضَ هذا الصديق شقته السكنية التي يسكنها ويملكها للبيع ، وهي في بناء ملاصق للبناء الذي يسكن فيه الحاج محمد سراج ، بل وملاصق تماماً لشقته... ومن حسنات هذه الشقة بالنسبة للحاج محمد سراج أنّها كانت تقع على نفس مستوى الطابق الذي يقطنه في البناء المجاور ، بمعنى أنّ بلكونته وبلكونة تلك الشقة متجاورتان تماماً فإذا ما أزيل الحاجز بينهما أصبحتا على اتصال تام فيما بينهما. ولمّا علم الحاج محمد سراج بأنّ الشقة معروضة للبيع اعتبر أنّ ابنه الحاج مصطفى سيكون الرجل الوحيد الذي بإمكانه أن يكلّم صديقه بشأنها. لذا فإنّه سرعان ما استدعى ابنه طالباً منه التحدث مع صديقه صاحب الشقة بخصوص شرائها منه بغض النظر عن السعر المطلوب لها وذلك رغبة منه في شرائها لابنته المتزوجة حديثاً عسى أن تكون جارته فيسهل عليه التواصل معها والوصول إليها. سُرّ الحاج مصطفى كثيراً من طلب والده فقد جاءته الفرصة التي من خلالها سيثبت لوالده أنّ صديقه هذا صديق صدوق لا كما يظنه والده ويؤمن به ، إذ سرعان ما لبّى نداء والده مجيباً إياه بقوله: أهذا هو طلبك يا أبي!.. طلبٌ بسيط وسهل المنال!. أبشر... وما هي إلاّ دقائق معدودات ، هي مسافة الطريق بينه وبين صديقه ، وليفاتحه بالموضوع بوجه متهلل بشوش.. وأمّا جواب صديقه فكان: تكرم يا حاج.... ولكن!... امهلني يومين فقط ريثما أناقش الموضوع مع زوجتي!. مرّ أسبوع دون جواب ، ثم مرّ أسبوع آخر... ومضى شهر دون جواب ودون أي مؤشر من صديقه يتعلق بموضوع الشقة. الحاج محمد وبخبرته في الحياة سرعان ما نادى ابنه الحاج مصطفى: شو يا عنتر!.. ماذا بشأن صديقك وشقته ، ألم يعطك جواباً بعد؟!. أحسّ الحاج مصطفى من نفسه بالنقص والخزلان أمام والده ونظرته الثاقبة ، أطرق خجلاً ولم يحر جواباً. ذلك أنّه ورغم مرور شهر على لقائه بصديقه بشأن الشقة فإنّه لم يحصل منه على الجواب الشافي. وماهي إلاّ أيام معدودات حتى علم الجميع بما فيهم الحاج مصطفى نفسه أنّ صديقه الحميم قد باع الشقة إلى شخص آخر وبسعر أقل من السعر الذي كان سيدفعه له الحاج محمد. فما كان من الحاج محمد إلاّ أن استدعى ولده الحاج مصطفى وطبطب على كتفه قائلاً له: لقد قلت لك ومنذ زمن طويل ... أنّك تعمل المعروف في غير أهله. كان من واجب صديقك أن يحفظ حق الصحبة والصداقة و ......حق الجيرة!. أحس الحاج مصطفى سراج بالغبن والاستغفال ، ومنذ ذلك اليوم وطنّ نفسه على عدم التسرع في إطلاق الأحكام وعدم الدفاع عن الأصدقاء تحت مسمى الصداقة ، إذ بلغت تلك الحادثة من نفسه وقلبه مبلغاً عظيماً. واضافت إلى خبراته الحياتية إضافة نوعية جديدة: إذا أعجبك ما حدث فاصمت ، وإلاّ فتكلم!.
الحقوق محفوظة طبيب الوب 2014 ©
http://tabib-web.eu - http://www.tabib-web.eu